[ الأسد والبعوضة ~ saihat-star
http://www.saihat-bro.org/up/
http://www.saihat-bro.org/up/

الخميس، 11 أغسطس 2011

الأسد والبعوضة



الأسد والبعوضة)*
لافونتين
 إليك عني يا حشرة حقيرة، يا حثالة المخلوقات جميعاً" هكذا خاطب الأسد
يوماً البعوضة، فجاء ردها عليه في الحال، إذ قالت: أتحسب أن اسمك الملكي
سيجعلني أرجف خوفاً من الرأس حتى القدم؟
فالثور الذي يربو عليك بحجمه أسوقه حثيما أريد!"
ولم تتمهّل لحظة، وصوتَّت نفيرها كأنه الفارس والبوقي معاً، وراحت تئز وهي
تدور الدوائر فوق رأسه تتحيّن فرصتها، ثم انقضّت عليه، ولدغته في عنقه.
فجُّنَ الأسد العظيم، واشتعلت عيناه بالغضب، وأطلق زئيراً، ارتعشت له
أوصال جيرانه، واختبأوا في الأوكار والحجور، وعمّ الرعب أرجاء الغابة
كلها. وما السبب إلا بعوضة صغيرة.
وراحت البعوضة العفريتة تندس كشيطانة في كل عضو معرّض في الليث الهصور فهي
مرة تخرق بوزه، ومرة قدمه، ومرة تنخز مؤخرته، ثم خاصرته. ومرة تتوغل في
أعماق منخريه. وطغى هياج الأسد، وأزبد شدقاه، والمعذّبة الماكرة تضحك منه
وهو يعمل كامل عدته من ناب ومخلب للشرب من دمها، عبثاً!
أدمى الملك بالحك جنبيه، وراح يخبط بالذيل ردفيه، ويصارع الهواء المحيط
به- إلى أن خارت قواه، وأنهكه السخط والصياح، وتهاوى على الأرض أخيراً،
عاجزاً عن كل حراك. وطارت البعوضة المظفرة بعيدة عنه في هالة المجد،
ونفيرها الذي أعلن في البدء تحديها، أعلن الآن انتصارها، ولكنها إن حلقت
هنا وهناك إذ لتسمع الجميع أنباءها، اصطدمت بشبكة نسجتها العنكبوت وسقطت
فريسة فيها، في هذه الحكاية درسان: من الغباء أن تحكم على الخصم قياساً
على حجمه، والمرء قد ينجو من أنياب خطر عظيم، ليلقى مصرعه في عارض حقير..".

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Share

Twitter Facebook Digg Stumbleupon More